هل وقف اطلاق النار في غزة سينهي خطر الإستيلاء على الضفة الغربية؟

هل وقف اطلاق النار في غزة سينهي خطر الإستيلاء على الضفة الغربية؟

هل وقف اطلاق النار في غزة واتمام الصفقة سيوقف ما تهدد به الحكومة الإسرائيلية بالإستيلاء على الضفة الغربية؟ وتطبيق خطة الضم؟ وبالتالي حل السلطة الفلسطينية؟ وتحويل القرى والمدن الفلسطينية الى الإدارة المدنية الإسرائيلية ؟

إن هذه التساؤلات دائما ما تطرح نفسها وتبدأ تدور في عقل الفلسطيني في كل مره تقوم فيها اسرائيل بشن حرب على قطاع غزه. إذ تصبح الجبهه الفلسطينيه بالكامل في حاله قلق وتوتر وتتزايد الإفتراضات بان هذه الحرب ستفتح الباب لتحقيق كل الطموحات والنوايا الإسرائيليه التي يتغنى بها الشعب الاسرائيلي، والمستوطنون المتديون منهم على وجه الخصوص، وهو تطبيق ما يسمى بإسرائيل الكبرى على ارض الواقع، والتي تمتد حدودها من النيل الى الفرات. وبنظرة تامل الى السياسات الاسرائيلية التي تستمر في بناء الوحدات الاستيطانية دون توقف وتضرب بذالك كل المفاوضات والاتفاقيات الموقعة سابقا عرض الحائط، نجد ان مسألة الضم هي مسألة وقت فحسب.



ramallh-city
ramallah


إن خطر ضم الضفه الغربيه والإستيلاء عليها، وتحويل المدن الفلسطينية الى مناطق غير واضحة الحدود ومحاصرتها وجعلها اشبه بمستوطنات منفصلة لا اتصال جغرافي بينها، بدأ فعليا منذ عام 2020 بعد خطة ترمب التي قدمها في صفقة القرن. إذ بدأت الحكومة الإسرائيلية بضم منطقة الأغوار، ومارست كل السياسات للتضيق على اهلها لإجبارهم على الرحيل، وذلك لتفريغها من السكان وتسهيل السيطرة عليها. الأمر الذي بدأ في عزل الضفة الغربية لتصبح مناطق داخلية لا حدود لها مع الأردن. ويتبع لذلك بالمحصلة تجريد الضفة الغربية من الحقوق المائية والزراعية في منطقة الاغوار التي تعتبر سلة الغذاء الفلسطينية، الأمر الذي يزيد التبعية الفلسطينية لدولة الاحتلال وبالتالي يجعل من فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة اشبه بالوهم في المرحلة الحالية على الاقل.


من جنين إلى طولكرم: بدايات ضم الضفة الغربية على الأرض :

إن الحرب الأخيرة على غزة، حرب 7 أكتوبر جعلت الحديث عن ضم الضفة الغربية وحل السلطة الفلسطينية حديثا جديا، بدأ بأشكاله الاولى في مخيم جنين ومخيم طولكرم والعديد من المخيمات الفلسطينية، حيث بدأت إسرائيل في أعاده هيكلة المدن الفلسطينية بما يتناسب مع الشكل الذي يسهل ادارتها واحكام السيطرة عليها قبل ضمها، حيث قامت بهدم المخيمات وترحيل اهلها، وشفت الطرق الواسعة فيها، تمهيدا لجعلها تجمعات شبيهة بالقرى العربية في الداخل المحتل والتي لا يخفى علينا الحال فيها على المستوى الإجتماعي والسياسي والقانوني والتنظيمي وهو الأمر الذي لا نطمح له ابدا. فالخطر الذي كنا نفكر به اصبح اكثر قربا الان.

    نتساءل هنا هل سينتهي هذا الخطر بمجرد الاتفاق الذي سيكون بين ترامب ونتنياهو من جهة وبين حماس من جهة اخرى على وقف اطلاق النار في غزة وابرام الصفقة واعادة الرهائن والمحتجزين واطلاق سراح الاسرى كما تملي شروط الاتفاقية. سنجيب على هذا التساؤل بان إسرائيل اليوم تعلن رسميا ضمها للضفة الغربية الى سيادتها. إذ قال وزيرالقضاء الإسرائيلي اياريف ليفين "ان الوقت الحالي فرصة ذهبية لضم الضفة الغربية الى السيادة الإسرائيلية ويجب على اسرائيل عدم تفويتها".

نهاية مرحلة السلطة وبداية الإدارة المدنية: المؤشرات تتكشف :

    الواقع علينا ان نتعرف ان ضم الضفة الغربية والتحول الى الإدارة المدنية أمر قادم لا محالة. ولعل أزمة الرواتب القائمة في الحكومة الفلسطينية والتي تتفاقم في حدتها، هي واحدة من المؤشرات الواضحة على ان هناك تغيير جذري سيطرأ. حيث ان صرف الرواتب هو بمثابة حجر الأساس الذي ترتكز عليه الحكومة الفلسطينية امام الشعب الفلسطيني. وان هذا التعقيد الذي يجعل صرف الرواتب امر اشبه بالمعضلة، بالاضافة الى حالة الصمت والتفرج من الدول المانحة الاوروبية والعربية . ينوه الى ضرورة الاستعداد وتقبل انهاء هذا الجسم السياسي واستقبال غيره.

بات معروفا ان دوله الكيان الصهيوني هي دوله مصالح بالدرجة الاولى، بعيدا عن كونها تتخفى تحت مجموعه من المسميات بكونها دوله دينيه ودوله تبحث عن هيكل سليمان عليه السلام. لا بل ويصفها خبراء بانها مقاطعه أمريكيه لكن في الشرق الاوسط، تسعى الى جمع عدد كبير من المصالح في هذه المنطقه اولها المصالح الجغرافية بالاستيلاء على الارض ومواردها فقد قيل عنها في كتبهم انها الارض التي تدر عسلا ولبنا، كذلك وتوفر منطقه عيش ذات معايير سياحيه لسكانها من اعتدال في المناخ وتعدد البيئات الطبيعية من الساحلية الى الغورية والصحراوية والباردة في جبال الجليل، وكذلك توفر المياه الجوفية والسطحية. ويليها المصالح العسكرية والسياسية والدبلوماسية التي تسهل على الامريكان تحقيق اهدافهم في الشرق الاوسط.

عقلٌ يخطط وأمةٌ تترقّب: الفارق بين الإسرائيلي والعربي :

إن ما يجدر بنا الإعترف به الان هو أن العقل الإسرائيلي والسياسه الاسرائيلية هي سياسة مغايرة جدا للعقل العربي الذي لا يخشى الا ما يسمع. فإن العقل الإسرائيلي هو عقل مدبر،  عقل ينشئ دوله من العدم، فهو يسير دائما وفق خطة تفصيلية محددة يعرف ويرسم نقطة البداية والنهاية. فهو يخطط أين يشق الطرق، وعلى أي قمة جبل يتجه، وأي مستوطنة سينشئ بعد شق الطريق ولو بسنوات، ويخطط أين سيضع حاجزا وحتى انه يخطط بأي ذريعة سيتحجج ليضيق على الناس ويضطرهم لتغيير مسارهم حينها، ليتفرد سكان المستوطنات بهذه الطريق، كذلك هو يدرس كل خطوه على الاراضي الفلسطينيه الى أين ستؤدي، وماذا ستسهل عليه عند اكتمال عملية الضم. فهو عقل مبصر ويد تعمل.

اما العقل العربي او الفلسطيني فانه يقلق ان سمع تقريرا صحفيا عن الاستيلاء على الضفة، ويعود لينسى الامر بعد ان سمع بخبر نزول الراتب في الصراف الالي بنسبة معينة. فهو فعليا لا يخشى الا ما يسمع صرحة، ولعله ايضا يخشى وقت ان يسمع فقط . بمعنى انه لا يستشعر أين تتجه به الاحداث المتسارعة حتى وان سمع أين ستتجه فان سماعه لذلك الخطر لا يحدث لديه أي رغبة في التجهز لمواجهته او محاولة تفاديه. فمثلا ان الحديث عن محاولة انشاء جسم فلسطيني احتياطي يدير شؤن أهل البلاد الفلسطينية مثل النظام العشائري، قد يكون مزعجا أو يثير غيرة بعض المناصرين، أو مثلا العودة للنهوض بمجال الزراعة واستثمار الارض البور في بلادنا وغيرها من أساليب البقاء والثبات على الارض. فالعرب غالبا يفضلون الانتظار ليرون ما سيحث بدلا من وضع خطة اولية. وبعد ان تقع النكبة يقولون لقد اخطأنا، ولو كنا نعلم لعملنا كذا وكذا.

بقلم: أسماء عاصي.




تعليقات